شرح سنن الترمذي
باب ما جاء في النهي عن التبتل
باب ما جاء في النهي عن التبتل.
حَدَّثَنَا أَبُو هِشَامٍ الرِّفَاعِيُّ اسم> وَزَيْدُ بْنُ أَخْزَمَ الطَّائِيُّ اسم> وَإِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الصواف الْبَصْرِيُّ اسم> قَالُوا: حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ اسم> عَنْ أَبِيهِ عَنْ قَتَادَةَ اسم> عَنْ الْحَسَنِ اسم> عَنْ سَمُرَةَ اسم> رسم> أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ التَّبَتُّلِ متن_ح> رسم> .
قَالَ أَبُو عِيسَى اسم> وَزَادَ زَيْدُ بْنُ أَخْزَمَ اسم> فِي حَدِيثِهِ، وَقَرَأَ قَتَادَةُ اسم> رسم> وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجًا وَذُرِّيَّةً قرآن> رسم> .
قَالَ: وَفِي الْبَاب عَنْ سَعْدٍ اسم> وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ اسم> وَعَائِشَةَ اسم> وَابْنِ عَبَّاسٍ اسم> قَالَ أَبُو عِيسَى اسم> حَدِيثُ سَمُرَةَ اسم> حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ.
وَرَوَى الْأَشْعَثُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ اسم> هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ الْحَسَنِ اسم> عَنْ سَعْدِ بْنِ هِشَامٍ اسم> عَنْ عَائِشَةَ اسم> عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم نَحْوَهُ، وَيُقَالُ كِلَا الْحَدِيثَيْنِ صَحِيحٌ.
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْخَلَّالُ اسم> وَغَيْرُ وَاحِدٍ قَالُوا: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ اسم> أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ اسم> عَنْ الزُّهْرِيِّ اسم> عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ اسم> عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ اسم> قَالَ: رسم> رَدَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى عُثْمَانَ بْنِ مَظْعُونٍ اسم> التَّبَتُّلَ، وَلَوْ أَذِنَ لَهُ لَاخْتَصَيْنَا متن_ح> رسم> قَالَ أَبُو عِيسَى اسم> هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ.
هذا ما ذكرناه من النهي عن التبتل، والمراد بالتبتل هنا الانقطاع عن الشهوات والملذات كلها، ومن جملتها النكاح والتخلي للعبادة، وليس هو مطلق العبادة. الله تعالى قد أمر رسوله بالتبتل في قوله تعالى: رسم> وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلًا قرآن> رسم> الفرق بين الذي نهى عنه والذي أمر به: أن الله أمر نبيه بالتبتل الذي هو العبادة وكثرة الإقبال على الله والاشتغال بها بحيث لا تشغله عنها الأموال ولا الأولاد ولا الدنيا.
ولكن مع ذلك أباح له الشهوات المباحة قال الله تعالى : رسم> قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قرآن> رسم> فزينة الله؛ أي: ما على الدنيا مما أباحه الله. والطيبات من الرزق؛ يعني: المآكل المباحة، وكذلك النكاح ونحوه.
فزينة الله التي أخرج لعباده هي ما على وجه الأرض من المباح. ولكن لا يستهلك فيها الإنسان بحيث ينشغل بها حتى لا يتفرغ للعبادة؛ فلذلك قال: رسم> وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلًا قرآن> رسم> .
فالتبتل المنهي عنه هو إما أنه الانقطاع الكلي الذي هو الترهب الذي فعله النصارى: رسم> وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلَّا ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ اللَّهِ فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا قرآن> رسم> كونهم ينقطعون انقطاعا كليا عن الدنيا وملذاتها، ويبقون في دياراتهم وصوامعهم ومتعبداتهم، ولا ينشغلون بشيء من ملذات ومن أمور الدنيا، فهذه الرهبنة أنكرها الإسلام ولم يكتبها الله عليهم.
إنما الانكباب على الدنيا والإقبال عليها إقبالا كليا بحيث يشغل عن الآخرة هذا منهي عنه، والانقطاع عن الشهوات كلها هذا أيضا منهي عنه.
بل عليه أن يعطي نفسه حظها من الشهوات، وألا يتمادى معها ولا ينقطع انقطاعا كليا لا عن الشهوات ولا عن العبادات؛ إذ في الصحابة -رضي الله عنهم- قد هم كثير منهم أن ينقطعوا عن الدنيا وأن يتبتلوا، ولكن النبي صلى الله عليه وسلم أنكر ذلك عليهم، وأمرهم بأن يعودوا إلى ما أحل الله تعالى وأباح لهم.
مسألة>